يوحنا العاشر في قداس رأس السنة من دمشق: رسالتي…
يوحنا العاشر في قداس رأس السنة من دمشق:
رسالتي إلى العالم أجمع أوقفوا الحرب في سوريا وعلى سوريا
أقام غبطة البطريرك يوحنا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس قدّاس رأس السنة الميلادية في الكاتدرائية المريمية بدمشق. وعاونه في الخدمة الأساقفة لوقا الخوري، نقولا بعلبكي، أفرام معلولي وغريغوريوس خوري ولفيف الآباء الكهنة والشمامسة. وبعد الإنجيل، ألقى غبطة البطريرك كلمة جاء فيها:
" في هذا اليوم تتجه قلوب المؤمنين إلى الرّب الخالق أن يمنّ بالسلام على الدنيا، كلّ الدنيا. في هذا اليوم نقترب من مذود بيت لحم طالبين من طفل السلامِ السلامَ لأرضه وللشرق الأوسط وللعالم كلّه. في هذا اليوم ننحني مثل مريم، وهي المكرّمة عند المسلمين والمسيحيين، ننحني أمام طفل المغارة لننشد معها ومع رعاة بيت لحم: المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة"
وتطرّق غبطته إلى الوضع في سوريا والمشرق قائلاً:
رسالتي اليوم إلى العالم أجمع أوقفوا الحرب في سوريا وعلى سوريا.
نحن نرفض أن يكون شبابنا وقوداً لتكفيرٍ أعمى وتطرّفٍ نراه ولا نصدق أنّنا على الأرض السورية. نحن نرفض أن يكون شيوخنا ومطارنتنا فرق عملة في سوق الدولار.
نريد اليوم أن يخرج صوتنا كالنار إلى أقاصي الأرض تماماً كما خرج صوت الحق من أنطاكية ليعلن بشارة السلام للمسكونة.
من أرض أنطاكية خرجت بشارة السلام إلى الدنيا قبل ألفي عام، والحضارة الغربية التي تلقّفت الإنجيل من أرض أنطاكية مدينة لها تاريخاً وحضارةً لا دماراً ولغة مصالح ولا تفرّجاً وتأجيجاً لفتنةٍ وقودها أناس أبرياء.
دماؤنا ليست أرخص من دماء أحد.
وسلامنا وأمننا ضرورة لكلّ العالم. إن الله لم يكتب على جبيننا، نحن أبناءَ هذا المشرق، قدراً بأن نكون بخوراً يذيبه جمرُ حروبٍ طاحنة، بلّ شرّفنا بأن نكون بخوراً لذيذ العرف سلامياً أمام مذود بيت لحم، بخوراً قلبياً طيّباً استقبل سيّد السلام في مهده الفلسطيني وحمل نوره وإنجيله إلى الدنيا.
نحن مسيحيي هذه الديار لم نميّز أنفسنا عن أحد ولكنّنا في كلّ أوطاننا أوتار قيثارةٍ واحدةٍ لا تعرف إلّا سيمفونية الوطن الذي إن قام يقوم بكلّ أبنائه وإن سقط، لاسمح الله، يسقط الجميع.
نحن لم نعد نفهم لماذا علينا أن يقتل أبناؤنا، وهنا أعني كلّ السوريين، بأيدي الغرباء.
ولم نعد نفهم لماذا علينا أن نسكت على خطف مطارنتنا وعلى خطف كلّ الناس.
نحن المسيحيين الأنطاكيين توأم سوريا وتوأم لبنان وتوأم العراق والأردن وفلسطين وكلّ المشرق. نحن لم نكن يوماً زوّار تاريخ ولا ضيوف لحظات. وفي الوقت نفسه، لم نكن هواة تقوّقع بلّ خميرةَ انفتاح على الجميع وقوّةً لأوطاننا بشركة الجميع.
نطلب من الله ونصلّي أن يرفع هذه الغيمة السوداء عن هذا البلد ويعيد إليه سلامه، ونسأله رد المخطوفين ومنهم مطرانا حلب يوحنا وبولس الذي يتناسى العالم خطفهما الذي يشكّل لطخة عار في جبين المتشدقين بحقوق الإنسان زوراً وزيفاً وبهتانا"
وتطرق أيضاً إلى الوضع في لبنان قائلاً:
"ومن هذا المكان نصلّي من أجل لبنان واستقرار لبنان. الذي من حقه ومن حق إنسانه أن يكون في معزل عن ارتدادات وحسابات الخارج.
من حق لبنان الذي ذاق مرارة الحرب الأهلية أن ينعم بالسلام وبظل الدولة.
نحن نفهم كيف أن حسابات الخارج تؤثر على الداخل اللبناني. لكّننا مقتنعون أن وحدة الصف اللبناني عموماً والمسيحي خصوصاً قادرة أن توصّل إلى سدّة الرئاسة الشخص المناسب من دون الاضطرار إلى رمي الكرة كالعادة في ملعب التوازنات الإقليمية والحسابات الأخرى.
من حق لبنان أن يكون بلد سلامٍ لا مرتعاً للخطف المدان ومن حقه أيضاً لا بل من خصائصه أن يكون بلد العيش الواحد في ظل الدولة الواحدة"
وأضاف غبطته:
"صلاتنا اليوم من أجل فلسطين وجيرة فلسطين.
صلاتنا من أجل مهد المسيح ومن أجل الأردن ومصر والعراق.
صلاتنا من أجل كلّ المشرق والعالم.
في مطلع السنة الجديدة، أتوجّه بالتحيّة إلى سيادة الدكتور بشار الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية وإلى الشعب السوري ضارعاً إلى الله أن يزيل هذه السحابة عن سوريا.
كما أتوجّه بالتحية الميلادية إلى لبنان واللبنانيين جميعاً سائلاً رّب السماء أن يديم سلامه ورحمته على لبنان والمشرق والعالم كله.
كما أبعث بالبركة الرسولية إلى أبنائنا في الوطن وبلاد الانتشار وأسأل الرّب القدير الرحمة لنفوس شهدائنا والتعزية القلبية لكلّ من مسّت قلبَه قسوةُ الدهر الحاضر"
وبعد القدّاس استقبل غبطته المؤمنين في صالون البطريركية.