زيارة دير مار تقلا-معلولا، ودير سيدة صيدنايا…

2019-06-03

صاحب القداسة البطريرك إيريناوس وصاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر الكلي الطوبى والجزيلي الاحترام يزوران، برفقة وفدين من كلا الكنيستين، دير مار تقلا-معلولا، ودير سيدة صيدنايا البطريركي، وسفارة جمهورية صربيا في دمشق.
صاحب القداسة إيريناوس يقول: "بلدكم غني بالقديسين والأماكن المقدسة، حافظوا عليها".
3 حزيران 2019
ليا عادل- دمشق

إلى مدينة معلولا التاريخية، التي لم تنطفىء منها شعلة الإيمان رغم كل الدمار الذي أطاح بالحجر والبشر، إلى دير مار تقلا البطريركي، واصل صاحب القداسة إيريناوس بطريرك الصرب، برفقة صاحب الغبطة يوحنا العاشر، زيارته الرسمية السلامية إلى كنيسة أنطاكية.
وسط استقبال شعبي "معلولي"، عزف فرق الكشافة، وإنشاد التراتيل،استقبل رئيس دير سيدة معلولا البطريركي قدس الأرشمندريت متى رزق، ومدير المنطقة السيد سامر الشعراني، والأخوات الراهبات، وأهالي معلولا، صاحب القداسة البطريرك إيريناوس وصاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر في باحة الدير الخارجية.
من ثم، سار الجميع في مسيرة شعبية على الأقدام صعودا إلى كنيسة الدير، وسط قرع الأجراس ونثر الورود وزغاريد النسوة، فبدت معلولا كأنها في عرس أنطاكي-صربي.
في كنيسة الدير، أقام صاحب القداسة البطريرك إيريناوس وصاحب الغبطة يوحنا العاشر صلاة الشكر في كنيسة، بحضور رئيس دير مار سركيس وباخوس للروم الملكيين الكاثوليك قدس الأرشمندريت عبدالله الحمدية، والقائم بأعمال السفارة الصربية في سوريا سعادة السفير ميلان فياتوفيتش، وفعاليات وحشد غفير من المؤمنين، ضاقت بهم أروقة الكنيسة.
ألقى رئيس الدير قدس الأرشمندريت متى رزق كلمة ترحيبية قال فيها:
"يعتصر القلب ألما ويعجز اللسان عن الكلام عما حدث في بلدنا سورية، خاصة في مدينة معلولا، من تدمير وتهجير وسفك دم وإرهاب طال الحجر والبشر. بالرغم من ذلك كله، لم تنطفىء شعلة الإيمان والحياة في كنيسة تؤمن بالقيامة".
وأضاف: "إن ما يميز أبناء معلولا، وهم يفتخرون به اليوم، أنهم ناطقون باللغة الآرامية، لغة السيد المسيح. نحن نؤمن أن حضورنا، كمسيحيين، في الشرق، رسالة وشهادة. لقد اجتزنا هذه المحنة بسبب انتمائنا إلى أرضنا، التي فيها شيء من صليب وقيامة ربنا يسوع المسيح، الذي حملناه وسنحمله دوما، كما علمنا صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر الكلي الطوبى".
وتابع: "يسرنا حضوركم اليوم، يا صاحب الغبطة، في رحاب معلولا وبين أبناء هذه المدينة وفي ربوع دير القديسة تقلا، الذي يعتبر من أهم المعالم الدينية والروحية والأثرية في المنطقة، نحن متشبثون بقوة الحياة ولا نعرف الخوف".
بدوره، رد قداسته بكلمة جوابية قال فيها:
"نشكركم على هذا الاستقبال المهيب والمؤثر. لقد سمعنا كثيرا عن هذا المكان العريق والمقدس، وبركة كبيرة أننا هنا لنتعمق في هذا الجمال الروحي التاريخي. فرحتنا كانت مضاعفة، عندما سمعنا أن أبناء معلولا يتحدثون الآرامية، مما يجعل من هذا الدير التاريخي نعمة كبيرة تفيض علينا الخيرات الروحية".
وأضاف قداسته: "لقد تابعنا الأحداث الدائرة في سورية، وعشناها معكم، لأننا مررنا بها في بلدنا صربيا. بالتالي لا يمكننا أن ننسى هذه الأيام الصعبة، بل نتعظ منها، ونطلب من الرب أن يحمي سوريا وشعبها الطيب".
في الختام، قدم قدس الأرشمندريت متى رزق عصا رعائية لقداسته، الذي قدم بدوره للدير أيقونة والدة الإله.
بعد ذلك، قدمت كوكبة من أطفال معلولا أناشيد باللغة الآرامية ترحيبا بقداسته. ثم نتقل الجميع إلى صالون الدير، والتمس الشعب المؤمن بركة قداسته الأبوية.
أما المحطة الثانية فكانت عند بلدة صيدنايا، التي قرعت أجراس كنائسها وديرها العجائبي، وعلت تراتيل الراهبات وصلوات الآباء الكهنة الأجلاء، وترددت في الحناجر صلوات وابتهالات في عرس سماوي مهيب ابتهاجا بقدوم صاحب القداسة البطريرك إيريناوس وصاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر الكلي الطوبى والجزيلي الاحترام.
في باحة الدير الخارجية، أعد أهالي البلدة استقبالا شعبيا لقداسته بمشاركة إمام مسجد مدينة صيدنايا، فضيلة الشيخ عبدالله اسماعيل، مدير الناحية، السيد محمد الشحيمة، رئيس بلدية صيدنايا، الدكتور عبدالله سعادة، رئيسة دير سيدة صيدنايا البطريركي الأم فيفرونيا نبهان والأخوات الراهبات، كهنة مدينة صيدنايا، رئيس جمعية القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس، السيد نبيل كحلا، وفعاليات وحشد كبير من المؤمنين.
على وقع عزف مراسم دير سيدة صيدنايا البطريركي، اعتلى صاحب القداسة البطريرك إيريناوس وصاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر المنصة في باحة الدير وسط النشيدين السوري والصربي.
بعد ذلك، دخل صاحب القداسة إيريناوس وصاحب الغبطة إلى كنيسة الدير وأقاما صلاة الشكر على نية مؤمني كنيستي صربيا وأنطاكية. 
ألقت الحجة ماريا معلوف كلمة نيابة عن الأم فيفرونيا نبهان قالت فيها:
"إنه ليوم مبارك، الشمس في كبدها تتلألأ ساطعة معلنة عن يوم مشرق، أعده الله لائقا بالاحتفال الاستقبالي، ليطل حبر من أحبار الكنيسة الأرثوذكسية. هنا كانت الفرحة العظيمة، عرش صربيا يعانق عرش أنطاكية العظمى في أرض القداسة، في هذا الفردوس البهي. جئتم تحملون بشارة الإنجيل ورسالة سلام وصليب التضحية وإنكار الذات، فيشع سماء صيدنايا نورا مشرقا مضيئا يدفق من قلبكم الكبير، إنه نور السيد المسيح له المجد".
وتابعت الحجة ماريا: "يشرفني أن أتحدث نيابة عن أمنا الرئيسة، وعن أخواتي الراهبات وبناتنا الأيتام، كي أعبر لكم عن فرحنا وسرورنا بقدومكم المبارك. نحن، وكل أهالي مدينة صيدنايا، نشكركم يا غبطة البطريرك ونرحب بكم من أعماق القلوب، وقد حظينا بالشرف الكبير باستقبالكم بكل حماسة وتهليل بكل معاني الفخر والاعتزاز. إن حضوركم الميمون يعيد إلى الأذهان قصة القداسة، قصة بناء هذا الدير، عندما ظهرت السيدة العذراء مريم، ورسمت ملامح هذا الصرح المقدس. أنتم اليوم توطدون ملامح الإيمان والمحبة، وتكملون مسيرة القديسين والأنبياء".
وختمت: "صاحب القداسة، نكرر شكرنا لكم وتقديرنا على هذه الزيارة الكريمة التي سيسجلها تاريخ الدير والمشرق. نلتمس أن تشملونا ببركتكم ومحبتكم لنبقى متمسكين بأهداب الإيمان القويم. نعاهدكم، راهبات دير سيدة صيدنايا، ومعنا أهالي المدينة من مسيحيين ومسلمين، بأن نحافظ على طهارة هذه الأرض وقدسيتها".
من ثم، ألقت الطالبة جيسكا فرح من بنات الميتم كلمة ترحيبية طغت عليها لغة التأثر.
بدوره، رد صاحب القداسة إيريناوس بكلمة جوابية قال فيها:
"أشكر أهالي مدينة صيدنايا والأخوات الراهبات على استقبالهم المؤثر النابع من محبتهم. لم نكن نتوقع أن نرى جمالا بمثل هذا الجمال الروحي الأرثوذكسي. بالتالي، أود من هذا الدير الشريف أن أقول لكم: حافظوا على هذا الإرث الأرثوذكسي المتميز في الشرق الأوسط. عليكم أن تدركوا أن العالم الأوروبي يشتهر بالشركات وعالم الماديات، إلا أن منطقتكم تزدان بالأديرة والكنوز الروحية، حافظوا عليها وتفاخروا بها".
وأضاف قداسته: "نحن نعلم أن الشعب السوري قد تعذب عبر التاريخ، ومر في حروب كثيرة، لكن القديسين في هذه الديار المقدسة هم من حموا هذه البلاد، فحافظوا عليها".
بعد ذلك، قدم قداسته قنديلا للأم فيفرونيا، التي بدورها قدمت لقداسته أيقونة العذراء مريم. 
بعد ذلك، التمس قداسته بركة شاغورة صيدنايا، وجال في أرجاء الدير وسط إنشاد التراتيل وعزف مراسم دير سيدة صيدنايا البطريركي.
في ختام هذه المحطة التفقدية، انتقل الجميع إلى صالون الدير والتمس الشعب المؤمن بركته الأبوية.
أما المحطة الثالثة في هذا اللقاء السلامي، فرست عند سفارة جمهورية صربيا في دمشق. تفقد قداسته وصاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر، برفقة الوفد الكنسي المرافق لهما، مقر السفارة في دمشق. كان في استقبالهم، إلى جانب القائم بأعمال السفارة الصربية في سوريا، سعادة القنصل الفخري لصربيا في حلب، السيد سارجون الياس، رئيس مجلس الصداقة الصربية السورية، السيد جمال الزعبي، وطاقم السفارة. 
خلال اللقاء، تطرق الطرفان إلى العلاقة التاريخية الوطيدة التي تربط صربيا بدولة سوريا.
في كلمته، أعد القائم بأعمال السفارة الصربية في سوريا، سعادة السفير ميلان فياتوفياش، مقاربة بين الوضع الدائر في كوسوفو وبعض المناطق في سوريا، التي لا زالت تنال منها يد الإرهاب، مشيدا بالعلاقات الدبلوماسية القائمة بين البلدين، التي بقيت مستمرة وبتماسك شديد، رغم الحرب الأليمة التي ألمت بسوريا وشعبها الطيب."
في الختام، جرى تبادل للهدايا التذكارية.