مسيرة الإنسان مسيرة نورانيّةً لا مسيرةَ ظُلمة

2013-03-29

المديح الثاني في كنيسة الصليب المقدس

Akathiston 2

 صلاتُنا اليوم صلاةُ المدائحِ للعذراءِ مريم ونحن في وسط الصيامِ الذي يُهَيِّئُنا للعيدِ الكبير، الذي عيدِ القيامة والهُتافِ للسيّدِ الذي داس الموتَ وقام منتصراً: "المسيح قام". كما تلاحظون في هذه الفترة من السنة، بشكلٍ خاصّ، نتشاركُ بشكلٍ كثيفٍ كُلَّ مسيرتِنا الكنسيّةِ الرّوحيّة، نتشارك الصلاة. لذا تُلاحظون أنّه في هذه الفترة من السّنةِ الطّقسيّةِ اعتاد المؤمنون أن يرتادوا الكنيسة للمشاركةِ في صلاة النوم الكبرى في بحرِ الأسبوع، فيُنشِدُوا: "يا ربَّ القوّاتِ ارحمنا"، وقدّاس يوم الأربعاء، ومديح السيّدة العذراء أيّام الجمعة. هذه الفترة لها نكهةٌ خاصّة. ونحن نؤمنُ أنّ الصّلاةَ تَلعبُ دَوراً كبيراً جِدّاً في حياةِ الإنسان. لذا تلاحظون أنّنا جميعاً ليلَ نَهارَ، نتلو الصلوات الخشوعيّةَ التضرّعيّة، التأمّليّة، الشّكرانيّة، التي نشكر بها الله ونتوجّهُ إلى السماء ونقول: "يا ربُّ ارحمنا"، نريدُ رحمتَكَ. وفي كلّ الصّلواتِ الإيمانيّةِ نقول: "افتحي لنا بابَ التحنُّنِ يا والدةَ الإلهِ المباركة"، "أبانا الذي في السّموات"، "يا مَن في كُلِّ وَقتٍ وفي كُلِّ ساعةٍ، في السّماءِ وعلى الأرضِ مسجودٌ لَهُ وَمُمَجَّد". كُلُّ هذه الصّلواتِ التي تَجعَلُنا نُقِرُّ نحن البشر أنّ لنا إلهاً في السّماء، نَسجُدُ لَهُ وَنَشكُرُهُ، ونطلبُ منه بشفاعة العذراءِ مريمَ وشفاعةِ كلِّ القدّيسين أن يَحميَنا ويَحميَ العالَمَ بأسرِه، ويَحمِيَ بَلدَنا وَيُقَوِّيَنا حتّى نَقُومَ بِكُلِّ ما هُوَ خَير، حتّى لا تُسيطرَ الخطيئةُ على ضمائرِنا.


الأحد القادم هو الأحد الثّاني من الصّوم، وفيه نُقيمُ تذكارَ القدّيسِ غريغوريوس بالاماس. وخلال هذا الأحد يوجد ذِكرٌ لِمَواضيعَ عِدّةٍ مِن أهمِّها "النُّور". أن تكون مسيرة الإنسان مسيرة نورانيّةً لا مسيرةَ ظُلمة، أن يبتعدَ الإنسانُ عن ظلمةِ الخطيئة، لأنّها تجعلُه غيرَ قادرٍ على التفكيرِ السّليم، تسيطرُ على عقلِهِ لِيَقُومَ بأبشعِ الأمور، ودونَ أن يُدرك. لهذا نحن نَسعى هذا السّعيَ، أن نكونَ الأبناءَ الصّالحِينَ لِلرّبّ المُتَزَيِّنينَ بالعقلِ النُّورانيّ والقلبِ الكبيرِ المُحِبّ، والذي يَنظُرُ إلى السّماء ويَطلبُ بَرَكاتِ ورحماتِ السّماء أن تَحُلَّ علينا وتَحُلَّ على العالَمِ بأسرِه وَتُبارِكَنا. وفي وسط هذه الصّلوات، بشكلٍ خاصّ تحتلُّ الصلاةُ التي نُقيمُها أيّامَ الجمعة، والتي ندعوها صلاة المدائح للعذراء مريم، مكانةً خاصّةً في قُلوبِنا جميعاً نحن المؤمنين، لأنّ العذراءَ مريم التي نَصِفُها بألقابٍ كثيرةٍ ونَقولُ إنّها أرحبُ من السّموات لأنّها هي التي احتَضَنَتِ النّور، المسيحَ الشّمس، الإلهَ، وأعطَتْنا إيّاهُ خَلاصاً ونُوراً لنا أجمعين. العذراء مريم تحتلُّ في قُلوبِنا، في بيوتنا وصُدُورِنا، في أذهانِنا وَعُقُولِنا مَكانةً كبيرةً جدّاً، لذا نحن نقدِّمُ لها خلال فترةِ الصّومِ الكبير هذه المدائح والتّرانيمَ الجميلة، طالبين شفاعتَها.

أَضُمُّ صَوتي إلى أصواتِكم، طالِبًا شفاعةَ العذراءِ مريم لِتَحمِيَنا وتَحمِيَ بَلَدَنا والعالمَ بأسرِهِ بِنعمةِ رَبِّنا المُبارَكِ والمُمَجَّدِ إلى الأبد. آمين.