قداس رأس السنة الميلادية في الكاتدرائية المريمية



2014-01-01

دمشق،

بقرع الأجراس وابتهالات المؤمنين استقبلت الكاتدرائية المريمية السنة الجديدة 2014. الخدمة الإلهية التي بدأت صباح اليوم برئاسة غبطة السيد يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس واشتراك السادة المطارنة والكهنة والشمامسة رافقتها صلوات المؤمنين الذين توافدوا إلى الدار البطريركية. كما رافقتها أيضاً أنظار وأسماع المؤمنين في كل الوطن وبلاد الانتشار الذين جمعتهم وسائل الإعلام المرئي والمسموع إلى قلب الكنيسة المريمية قلباً واحداً مصلياً من أجل السلام. ومن بعد تلاوة الإنجيل المقدس وطلبة رأس السنة الجديدة، ألقى غبطة البطريرك عظةً شدد فيها على السلام الذي تطلبه كنيسة المسيح من باريها في مثل هذه الأيام. كما تطرّق غبطته إلى الوضع في سوريا ولبنان قائلاً:

" من هنا من قلب مريمية دمشق، أقولها للعالم أجمع: مرساة خلاص سوريا هي الحل السلمي السياسي. مرساة خلاصها حوارٌ غير مشروط وقبولٌ للآخر. نريد سوريا، كما كانت، بلداً للتلاقي، بلداً تتعانق فيه مآذن الجوامع وأجراس الكنائس. نريدها بلداً تسوده نسمة الطمأنينة والهدوء لا سوطُ الإرهاب والوعيد. نريدها مصنعاً للوطنية وللحس بالانتماء للأرض لا مصانع تُستباح وتُسرق. نريدها بلداً ترتع فيه الطفولة بأمان لا مرمىً لقذائف الهاون والتفجيرات. نريدها واحدةً موحدة. سوريا مدعوة برنة معاول أبنائها لا برنة السيف أن تبني الغد وتقوم كطائر الفينيق. سوريا لم تُخلق لتمسح دموعها لرؤية أبنائها مهجّرين بل لتمسح العالم بوميض النور الذي شع من أرجائها ولتخبر الدنيا عن مقدّساتها التي يؤمّها المسلمون والمسيحيون على السواء. كفانا حروباً وكفانا إرهاباً وتشريداً. ربيع بلادنا لقيا الآخر. ربيعها وجوه تلتقي على حب الوطن ووحدة ترابه وصون دماء الأبرياء فيه. Laos

ومن دمشق نرفع صلاتنا من أجل لبنان. من أجل سلامه واستقراره. نرفع صلاتنا من أجل أن يعلو فيه منطق التلاقي على منطق الاستقواء وأن يديم الله في ربوعه منطق العيش المشترك. لبنان لم يخلق لتديره السفارات بل ليكون سفير الغد في دنيا الحاضر. لبنان لم يوجد ليكون إنسانه لقمةً للاغتيالات والتفجيرات المدانةِ دوماً أبداً، بل ليفجر بعطاء مفكريه ينابيع الثقافة والعلوم. لقد أفرغ الله في لبنان كما في غيره كل عنايته فلنحافظ عليه. فراغ السلطات فيه يؤرقنا لأن فراغ السلطات فيه يقود إلى سلطة الفراغ والمجهول والمقلق. وما أدراكم ما سلطةُ الفراغ! لبنان يستحق من اللبنانيين ومن العالم أجمع أن يكون ساحةً لتلاقي الحضارات.

صلاتي من هنا إلى الرب القدير أن يحفظ فلسطين الجريحة والمنسية في عقول كثيرين وأن يحفظ العراق ومصر والعالم أجمع. وأوجه شكري إلى وسائل الإعلام المرئي والمسموع التي تعبت معنا اليوم وأسمعت الصوت للجميع.

صلاتنا في هذا اليوم من أجل أخوينا المطرانين يوحنا وبولس وراهبات ويتامى دير القديسة تقلا في معلولا ومن أجل سائر المخطوفين. نضرع إلى طفل المغارة أن يظللهم بستر حمايته وأن يعيدهم إلينا سالمين. نصلي ونرفع الصوت عالياً ومع كل ذوي النيات الحسنة ونقول للعالم ولحكومات العالم أجمع. أوقفوا هذه المأساة ولا تتفرجوا على إنسان هذا المشرق وتكتفوا بالرثاء والترثي والتغني بحقوق الإنسان عبثاً.

يطيب لي في الختام أن أبعث، ومن حنية الكنيسة المريمية بدمشق، بسلامي القلبي لكل أبنائنا في الوطن وبلاد الانتشار. أبعث بسلامي إلى أبنائنا في الأمريكيتين وفي أوروبا وأستراليا وكل بقاع العالم، وأسأل طفل المغارة أن يفتقدهم بحنوّه ورأفته".