المسيحيّةَ ليست فلسفةً أو نظريّةً جميلةً



2013-03-22

المديح الاول - البلمند

22 أذار 2013


باسم الآب والابن والروح القدس. الإله الواحد. آمين.


يا أحبّة، في هذا المساء وبعد هذه الصّلاةِ المباركة التي جمعَتنا، صلاة المدائح الأولى للعذراء مريم خلال الصيام الأربعيني المقدّس، أريد أن أؤكّد بشكل بسيط وواضح على ما

007

سمعناه
 اليوم في الإنجيل.

سمعنا الربَّ يسوعَ يُخبرنا في المقطع الإنجيليّ الذي تمّت تلاوتُه منذ قليل: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان، أثبتوا فيَّ وأنا فيكم". هذا الكلام هامٌّ جدّاً، لأنّنا نَعلَمُ أنَّ كُلَّ غصنٍ مرتبطٌ بِجِذعٍ، ويتغذّى منه وإلّا يموت. ومتى يَبِسَ، نقصُّهُ ونَرميهِ في النارِ لِيَحتَرِق. يُريدُ الرّبُّ يسوعُ أن يُفهِمَنا أنَّ علاقتَنا بِه هي مثلُ علاقةِ الغُصنِ بالكرمة: هو الكرمة، وَكُلٌّ مِنّا غُصنٌ في هذه الكرمة.

بكلامٍ آخر، يُذكِّرُنا الرّبُّ يسوعُ بأنّ المسيحيّةَ ليسَتْ طلاءً خارجيّاً، نَدهَنُ أنفسَنا بألوانِه، فنختارُ الأبيضَ مرّةً ثُمَّ الألوانَ الأُخرى تِباعًا... بل هِيَ عملُ الفضيلة، الصلاح، الخير، وما إليها. والأخلاق المسيحيّةُ ليسَت مجرّدَ أعمالٍ خارجيّة، بل هي أعمالٌ تَخُصُّ كِيانَ الإنسان، لأنّ كُلَّ مسيحيٍّ هو غُصنٌ متجذِّرٌ بِجِذعِ الكرمة، والكرمةُ هي الربُّ يسوع. ونحن نتغذّى من هذا الجِذع، وما يسري فينا هو ما نستمدُّه من الرّبِّ يسوع، كلمة الحياة.

فالمسيحيّةُ هي، إذاً، أمرٌ في قَلبِ الكيانِ الإنسانيّ، لذا فإنّ الإنسان المسيحيَّ هو مسيحيٌّ بِذِهنِهِ وقلبِه وأفكارِه وكُلِّ حَواسّه. الإنسانُ المسيحيُّ "يُمَسْحِنُ" كُلَّ شيءٍ فيه، لأنّهُ يَغتَذِي مِنَ الجِذْعِ الحقيقيِّ الذي هو الرّبُّ الذي يؤمن به. لذا فإنّ المسيحيّةَ ليست فلسفةً أو نظريّةً جميلةً تقول إنّنا نؤمنُ باللهِ القابعِ في السّموات، في حين أنّنا نعيشُ على الأرض، كلّا، بَل هيَ إيمانُنا وَعَيشُنا أنَّ يسوعَ هو الطّريقُ والحقُّ والحياة. لا أريد الإطالة، لكنْ أردتُ أنْ أؤكّدَ أنّنا كمسيحيّين نؤمنُ بالمسيح المتجسّد، والذي أتى إلينا ليخلّصَنا. سيّدُ الحياةِ والموت، الفادي والمخلّص، يدعونا إلى أن نكونَ مسيحيّينَ بهذا المعنى، أن نتجدّدَ بكلّيّتِنا، وأن نتذكّرَ أنّنا مُلتصِقُونَ بِشَخصِ الرّبِّ يسوع، وهو الألف والياء وكلُّ شيء. وآنذاك، نكون شهاداتٍ حقيقيّةً لهذا الإيمان أمام العالم، لِيُمَجَّدَ أبونا الذي في السموات، هو المبارَكُ والمُمَجَّدُ إلى الأبد. آمين.