جامعة البلمند


لمحة عن جامعة البلمند

المصدر: كتاب "أديار الكرسي الأنطاكي"، منشورات جامعة البلمند، 2007.       

في العام 1979 انتُخب إغناطيوس هزيم بطريركًا على كنيسة أنطاكية ليغدو البطريرك إغناطيوس الرابع. تابع غبطته الإشراف على نموّ البلمند وبلغت جهوده ذروتها، عندما بادر إلى تأسيس جامعة البلمند ما، اعتُبر مساهمة فاعلة من الكنيسة في النموّ الروحي والثقافيّ للبنان الحديث. أنشئت الجامعة في العام 1988 خلال الحرب اللبنانيّة. وقد عبّرت هذه الخطوة عن رفض الكنيسة الأرثوذكسيّة الحرب، ورغبتها في إنشاء جوّ مختلف تمامًا، يشجّع شباب لبنان على الاندماج بعضهم مع بعض. يهدف قانون الجامعة الداخليّ، بتأكيده على الروحيّة العلمّية والانفتاح الثقافيّ، إلى دعم جوّ السلام بحيث يمكن استعادة لبنان الموحّد والديمقراطيّ، وتشجيع روح الحوار بين الطوائف. ولتحقيق هذا الهدف، تحاول جامعة البلمند أن تطبع كلّ خرّيجيها بأخلاقيّة معيّنة يمكن تلخيصها بالآتي: الإيمان بالله، الثقة بالنفس، احترام التراث، قبول الآخر، التواضع أمام الحقّ، وخدمة المجتمع الفاعلة.

جامعة البلمند

 الرئيس

معالي الدكتور إلياس ورّاق المحترم

 العنوان البريديّ

جامعة البلمند، ص.ب. 100
طرابلس - لبنان

 الهاتف

930250 6 00961

 الفاكس

930278 6 00961

 البريد الإلكترونيّ

 president@balamand.edu.lb

الموقع الإلكترونيّ

www.balamand.edu.lb

اختير البلمند كموقع لإنشاء الجامعة لأنّه يلائم حاجة محلّيّة ملحّة، تمثلت في عدم وجود أيّة جامعة في شمال لبنان، كما أنّ العديد من خرّيجي الثانويّات في الشمال، لم يكن باستطاعتهم تحمّل مصاريف الدراسة الجامعيّة في بيروت. أضف إلى ذلك أنّ الأرض التابعة للدير على تلّة البلمند، كانت أكثر من كافية لبناء حرم جامعيّ شاسع. أخيرًا يمكن لجامعة تُبنى في هذا الموقع البديع أن تستفيد كثيرًا من التراث الثقافيّ الطويل للدير وتكمّله.

يمتدّ الحرم الجامعيّ على مساحة 45 هكتارًا ويتضمّن ما يزيد على ثلاثين بناءً وملعبًا رياضيًّا، شيّدت بفضل تبرّع المحسنين الكرام، وثمّة مشاريع لتشييد أبنية إضافيّة في المستقبل القريب. وينسجم التخطيط الهندسيّ للجامعة مع الدير الذي يبقى هو العنصر المركزيّ في المجمع المتنامي على تلّة البلمند. فالعديد من أبنية الجامعة سقفها زجاجيّ واسع وفيها حدائق داخليّة، كما تمّ الحفاظ على جزء كبير من كرم الزيتون الأصليّ، الذي كان موجودًا في الموقع قبل الشروع بالبناء.

وضع حجر الأساس لبناء الجامعة في شهر شباط من العام 1988. وفي شهر حزيران من السنة ذاتها أذنت الجمهوريّة اللبنانيّة للجامعة بأن تبدأ التدريس في ثلاث كلّيّات: الأكاديميّة اللبنانيّة للفنون الجميلة، معهد القدّيس يوحنّا الدمشقيّ اللاهوتيّ وكلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة. فتمّ، في شهر تشرين الأوّل، قبول أوّل دفعة طلاّب في كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة قوامها اثنان وأربعون طالبًا. في السنوات اللاحقة بدأ تدريس إدارة الأعمال والعلوم والعلوم التطبيقيّة؛ وفي ذلك الوقت أيضًا بوشر العمل على عدّة مشاريع تربويّة، ثقافيّة، وعلميّة. في العام 1996 حازت أربع كلّيّات إضافيّة على الاعتراف الرسميّ من الدولة اللبنانيّة وهي: إدارة الأعمال، العلوم الصحّيّة، العلوم، والهندسة. وفتحت كلّيّة السياحة وإدارة الفنادق أبوابها في العام 1999. أمّا كلّيّة الطب والعلوم الطبيّة المعترف بها رسميًّا، والتي تعمل بالاشتراك مع مستشفى القدّيس جاورجيوس، التابع لمطرانيّة بيروت الأرثوذكسيّة، فتأسّست في العام 2000، وأبنيتها تتوزّع بين البلمند وبيروت. يبقى المشروع الأكاديميّ الأحدث، وهو إنشاء مركز للدراسات البحريّة على الشاطئ البحريّ، بالقرب من دير الناطور، على بعد بعض الكيلومترات عن الحرم الرئيس.

تمنح الجامعة شهادات البكالوريوس والماستر بحسب النظام الأميركيّ القائم على الوحدات والأرصدة الدراسيّة. يعتمد البرنامج الدراسيّ اللغات العربيّة والإنكليزيّة والفرنسيّة مع التركيز على الإنكليزيّة لكونها اللغة العالميّة الأوسع انتشارًا، لا سيّما في مجالي العلوم والتكنولوجيا. النسبة الأعلى من طلاب الجامعة منتسبة إلى البرامج العلميّة والعمليّة، لكنّ كلّيّة الآداب والعلوم الاجتماعيّة تبقى هي محور الجامعة الأكاديميّ، لكونها تقدّم برامج تمتدّ على سنتين، وتتلخّص في برنامج الثقافات والحضارات من جهة واللغات من جهة أخرى، هذا بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المواد الاختياريّة. وعبر هذه البرامج يوسّع الطلاب ثقافتهم ويطوّرون قدراتهم على التفكير النقديّ. الحقّ إنّ هذه الكلّيّة تحافظ بشكل خاصّ على مبدأ الجامعة التأسيسيّ وترعاه، وذلك بتشديدها على "أخلاقيّة المعرفة".

تشمل الجامعة أيضًا مركزي أبحاث متخصّصين. ففي العام 1987، أنشئ مركز الدراسات الأنطاكيّة لجمع مخطوطات الكنيسة وإرثها من المحفوظات وتوثيقها. وقد التحق هذا المركز بالجامعة، في العام 1991، وتابع عمله في مجال الحفاظ على إرث الكنيسة الأنطاكيّة، مشجعًا الدراسات التاريخيّة ومبادرًا بالأبحاث الاجتماعيّة المتعلّقة بالطائفة الأرثوذكسيّة في الشرق الأدنى. المركز البحثيّ الثاني هو مركز الدراسات المسيحيّة-الإسلاميّة الذي تأسّس في الجامعة في العام 1995، والذي يهدف إلى دراسة المسيحيّة والإسلام بإيجابيّة، من أجل توثيق العُرى بين المسيحيّين والمسلميّن. ينظّم المركز المؤتمرات والحلقات الدراسيّة ويتعاون مع مؤسّسات ومراكز أخرى تعمل في مجال الحوار الإسلاميّ-المسيحيّ.

وتعمل جامعة البلمند، بالإضافة إلى برامجها البحثيّة الأكاديميّة، على تشجيع انتشار الثقافة بين طلابها وفي شمال لبنان بشكل أعمّ، وذلك عبر المحاضرات المتعلّقة بمواضيع غير أكاديميّة، وإقامة المعارض الفنّيّة بخاصّة في مجالي الرسم والهندسة الداخليّة، والحفلات الموسيقيّة والقراءات الشعريّة والإنتاجات المسرحيّة. ويشارك في هذه النشاطات فنّانون محلّيّون وعالميّون.

ومن أجل تحسين موقعها على الصعيد العالميّ، عقدت الجامعة اتّفاقيّات عدّة مع جامعات بارزة في الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة وفرنسا وكندا وروسيا. كما أقامت الربط الوثيقة مع العديد من الجاليات الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة في الغرب. وأُسّست في العديد من المدن الأوروبيّة والأميركيّة الكبرى جمعيّات صداقة مع جامعة البلمند، قامت بتقديم الكثير من الدعم الماليّ المطلوب من أجل نموّ الجامعة.  والجدير بالذكر أنّ الجامعة تعوّل على العلاقات الوثيقة مع الجاليات العربيّة بشكل أعمّ، التي يبقى أفرادها شديدي الارتباط بجذورهم الثقافيّة.

تزايد حجم الجسم الطالبيّ للجامعة منذ تأسيسها بشكل مستمّر. ففي العام 2006 تعدّى عدد الطلاّب الثلاثة آلاف في الكلّيّات التسع. ومن اللافت أنّ تسعين بالمائة من الطلاب هم من حملة الجنسيّة اللبنانيّة، إلاّ أنّ العديد منهم يأتي من الجاليات اللبنانيّة المستقرّة في الخارج. كما أنّ عدد الطلاّب العرب غير اللبنانيّين الذين ينتسبون سنويًّا إلى الجامعة هو في تزايد مستمرّ. فمن أهداف الجامعة زيادة عدد الطلاّب الأجانب بشكل ملحوظ، ولذلك يتمّ توسيع أبنية المنامة بشكل يستوعب خمسمائة طالب. كما يُعمل على زيادة عدد الأبنية المخصّصة لسكن الأساتذة، وهذا من شأنه أن يزيد من حيويّة الحرم الجامعيّ، بشكل ينعكس أيضًا على منطقة البلمند بشكل عامّ.

في الجامعة صندوق للمساعدات الدراسيّة يندرج ضمن الموازنة السنويّة ويهدف إلى دعم الطلاّب المستحقّين. ويدعم هذا الصندوق عبر المساعدات، وعبر العمل الطالبيّ الذي يسمح للطلاّب بأن يحصلوا على المال لقاء تأديتهم أعمالاً مكتبيّة في الجامعة. وثمّة مكتب خاص بشؤون الطلاّب يشجّع قيام العديد من الأندية الطالبيّة، التي تقوم بنشاطات كالرياضة والرقص الشعبيّ والإنشاد والسينما والمسرح.

أخيراً، يعبّر قانون الجامعة الداخليّ عن هذا التوق إلى العلى عبر إصراره على أنّ الحرّيّة مقرونة بالفرح والتواضع، الفرح النابع من الإيمان والتواضع أمام لامحدوديّة العلم وفهم عميق للإنسان.